
انطبعت الباد العربية منذ فجر التاريخ بطابع الفسيفساء الديني، فهي أرض الأنبياء، ومهبط الرسالات. وقد ظلت هذه الباد منبع المذاهب والمشارب الدينية، حتى أمكن القول إنه «لا توجد تربة على وجه الأرض أكثر خصبا بالأفكار الدينية من الشام والعراق. 1» لكن هذا الميراث التاريخي الثري بالتنوع لم يتطور بعد إلى فقه دستوري واضح المعالم يتبنى المساواة بن المواطنن، من غير ازدواجية ولا مثْنوية. وفي هذا البحث نقدم مدخا نقديا للفقه السياسي المتوارث الذي لا يزال يشكل رؤية العديد من المسلمين لهذا الأمر.
لم تستوعب الثقافة الإسامية في نسيجها الأخلاقي العميق حتى اليوم فكرة الدولة القائمة على رابطة الجغرافيا، ولا تزال هذه الثقافة أسيرة لذاكرة تاريخية صاغتها تجربة إمبراطورية لم يعد لها وجود في واقع الحياة. لذلك لا يزال بعض المسلمين المعاصرين يفكرون بمنطق التسامح مع المواطن المخالف في الدين، بدل التفكير بمنطق المساواة في المواطنة. وما أبعد الشقة بن المَنطقنْ: منطقِ التسامح الذي تمنُّ به أغلبيةٌ على أقلية أو سلطةٌ على شعب، ومنطق المواطنة المتساوية التي لا منة فيها لأحد على أحد.
إضافة تعليق جديد