“فقهاء الإسلام وعلم الأجنة بين النصوص الشرعية والمعارف الطبية لدى اليونانيين واليهود”، محاضرة ألقاها بحرم كلية الدراسات الإسلامية في قطر د. محمد غالي، أستاذ الأخلاق الطبية في الإسلام بمركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق، جامعة حمد بن خليفة، مؤسسة قطر.
أوضح د. غالي أن الوصل بين النصوص السرعية من ناحية والمعارف الطبية من ناحية أخرى كان أمرا سائدا بين غالب فقهاء الإسلام قديما. وألقى خلال المحاضرة الضوء على علم الأجنة وكيف تعامل الفقهاء مع النظريات الطبية التي كانت سائدة في عصرهم والتي تعود إلى الطبيب اليوناني بقراط كما بسطها في كتابه "الغذاء" ثم تعامل معها فيما بعد بالشرح والنقد والتعديل عدد من الأطباء المسلمين مثل أبي العباس البلدي وابن سينا ثم وصلت إلى مرحلة النضج على يد عدد من الأطباء اليهود أمثال ابن جميع وموسى بن ميمون.
وركز المحاضر على إسهام الفقيه المالكي الكبير الإمام شهاب الدين القرافي في كتابه "الفروق" في الربط بين هذه النظريات الطبية التي تشرح مراحل نمو الجنين في الرحم والقراءة الفقهية لنصوص شرعية ذات صلة مثل الآيات في سورتي الحج والمؤمنون والأحاديث المروية في صحيحي البخاري ومسلم. وقد سعا القرافي إلى إحداث تناغم بين هذه النصوص الشرعية والمعارف الطبية كما دعا إلى مراجعة آراء فقهية لعلماء سبقوه يقولون بأن الجنين لا يتخلق إلا بعد مرور 120 يوما من الحمل. وصرح القرافي بأن هذا الكلام يناقض المعارف الطبية القائمة والتي ينبغي أن يأخذها الفقيه بعين الاعتبار عند استخراج الأحكام من النصوص الشرعية وإلا بدت الشريعة وكأنها تناقض الحس والعيان.
وخلص د. غالي في محاضرته إلى أن وجود تراث إسلامي حافل يمكن أن نسميه "علم الأخلاق الطبية لدى فقهاء الإسلام" علينا أن تستلهم منه الدروس التي تعيننا في مسألة الربط بين النصوص الشرعية والمعارف الطبية الحديثة التي تتحفنا وتدهشنا بالجديد والغريب كل يوم. وهذا الاستلهام من التراث الإسلامي لابد أن يراعى فيه البعد الزماني والبعد المكاني، فهناك آراء فقيهة قديمة بنيت على معارف طبية كانت سائدة في زمانها ثم تثبت الآن عدم صحة هذه المعلومات وبالتالي لا مجال لترديد مثل هذه الآراء اليوم.
أضف تعليقاتك
Your email address will not be published*
إضافة تعليق جديد